استخدم البخور في الحضارات القديمة، حيث تشير النقوش والكتابات القديمة إلى تجارة البخور، حييث كان ولا يزال يستخدم في دور العبادة، والأسواق والأماكن المفتوحة، وفي البيوت بغرض التعطير. وإن كان الغرض الشائع أنه مادة عطرية، إلا أنه يدخل كعنصر رئيس في ممارسة طقوس السحر، خاصة داخل المعابد الوثنية، فلم يكن الغرض من استخدامه التعطير كما في بعض المساجد، وما يقوم به بعض المعالجين من استخدام البخور في علاج المرضى المصابين بالمس والسحر والعين فله تأثير في الجن. كما كان البخور يستخدم بغرض التعقيم في المقابر الفرعونية، فقد ذكر الأثريون أنه عند فتح بعض المقابر الفرعونية كانت تنبعث منها رائحة البخور، وذلك بما ينفع في القضاء على العتة الميكروبات والجراثيم، وأحيانا يستخدم التبخير في تجهيز بعض الأطعمة كالأسماك والجبن واللحوم المدخنة، ويستخدم التبخير في مقاومة الآفات الزراعية، وفي القضاء على الناموس والبعوض وبعض الحشرات والهوام، واليابان والذي يعتبر اكبر مستورد للبخور وبكميات هائلة جدا لإحياء طقوسهم الدينية والهند تستخدم اخشابه لحرق جثث كبار الشخصيات.
|


ويصنع البخور من مواد تحتوي على زيوت عطرية نفاذة، تستخلص من أعشاب كالزعفران، ولحاء الأشجار (كالعود)، وإفراز الأشجار (كاللبان)، وكذلك يستخدم (العنبر) في التبخير وهو يستخرج من الحوت، و(المسك) وهو يستخرج من حوصلة تخرج من نوع معين من الغزلان، وكذلك الصندل، والحنة، والياسمين، وتتنوع المصادر وتختلف الأنواع من أعشاب وأشجار والتي تتواجد في بلاد شتى من أنحاء العالم، وأحيانا يصنع البخور من خلطات أعشاب ومواد عطرية مختلفة، ويحتفظ مصنعي هذه الخلطات ومبتكريها بسر تركيبتها، وقد يصنع البخور على هيئة عيدان، أو خلطات معبأة في أكياس خاصة، أو مجسمات ذات كتلة. ومن أشهر أنواع البخور المسك، العود، الجاوني، المصطكي، الصندل، الكافور، اللبان المُر (الكندر)، السعد (وهو عبارة عن العقد الجذرية المجففة)، البشع (ينمو على بعض الصخور الرطبة وكذلك على جذوع بعض الاشجار الكبيرة مثل العرعر حيث تجمع وتجفف وتستعمل كبخور)، الأظفر (وهي اظافير (حراشف) مشتقة من حيوانات بحرية أو برية، وبعضها نظيف جداً وخال من البقايا اللحمية وهي اما متطاولة أو مدورة، أما إذا وجد فيها بقايا لحم فلابد من إزالته وذلك بنقعها في الماء لمدة 24ساعة ثم ينزع اللحم منها وتنظف جيداً وتجفف ثم تستعمل).
موطن العود:
المصطلح العلمي للشجرة العود يسمى بـ (إقوالوريا) وهي شجره الأم من أصل 15 شجره موجودة بالعالم كله حيث انقرض اغلب الأشجار بسبب اقتلاعه لاستخراج الدهن والبخور. (إقوالوريا) ويصل عمره ما بين 70-100 سنه والذي ينمو في المناطق الاستوائية الرطبة الممطرة بكثرة والتي تشتهر به مناطق شرق آسيا وخاصة (فيتنام-إندونيسيا-الهند-كمبوديا-تايلاند) وهو ينمو بسرعة عالية جدا خاصة أن توفر المناخ الجيد ويصل نموه واكتماله في خلال ثلاث سنوات فقط.


عود



طبعا استخراجه لا يكون إلا عن طريق قطع الشجرة..وهذا الذي يسبب بارتفاع سعره وليس بكل الحالات يتم إيجاد خشبه البخور داخل الشجرة بل من بين كل 10 يجدون هدفهم بإحداها وهي توجد تحديدا داخل الأشجار المعمرة وفي منتصفها.. ولا يمكن تحديد الشجرة التي تحتوى على البخور إلا عن طريق الخبراء
فقط.

صناعة البخور: وتزدهر صناعة البخور في دول شرق آسيا وأفريقيا، وقد شاع التبخير في المنطقة العربية والخليجية، ويجلب البخور عادة من الهند وبنغلادش وكمبوديا وماليزيا وبروناي وبورما وأندونيسيا والفلبين ولاوس وفيتنام وكذلك غينيا بيساو.هل فكرت يوما في كيفية صنع دهن العود والبخور، وهل فكرت ايضا في مدى المعاناة التي يتكبدها التاجر للحصول على جذع صغير من شجرة أكلتها البكتيريا وتحولت بفعل ذلك الى رائحة زكية وعطرة قد يبقى عبقها اياما في ملابسك.




ويصف أسعار البخور الكمبودي والماليزي والإندونيسي بأنها معقولة في ماليزيا مقارنة مع الأسعار “الجنونية” في دول الخليج، لافتاً إلى أن تسمية أنواع الدهون والبخور تكون حسب بلد المنشأ. وبحكم خبرته يقول أبو خالد: إن الشباب الخليجي يفضل أنواع دهن العود المخفف بينما تفضل النساء الروائح القوية التي تبقى على الملابس لفترة طويلة. وعن طريقة تحضير البخور يقول أنها تتم باستخدام أجهزة التقطير التقليدية مع إدخال بعض التحسينات وتبدأ أولا بفصل أنواع الخشب حسب الجودة وتجفيفه ثم إدخاله في مكائن خاصة لعملية الطحن ليصبح الخشب بودرة ويوضع في خزانات مع ماء وثم ينقع لمدة شهر.ويضيف: أن الخشب يحول إلى قدور التقطير الساخنة بعد مرور شهر وتستمر العملية ما بين أربعة إلى ستة أيام حسب جودة الخشب ثم تبدأ عملية فصل الماء عن الدهن ويعرض للشمس بعد ذلك لتتبخر المواد العالقة والشوائب ولتتركز نسبة الدهن في المنتج.
فمن المعلومات التي عرفناها سواء نقلا عن الجن، أو بالتواتر بيننا كمعالجين، وما يشيعه السحرة وهم أعلم الناس بأسرار عالم الجن والشياطين أن الجن تتغذى على البخور بكيفية لا نعلمها ولا ندركها كإنس، لذلك يشيع حرق البخور بين السحرة والمنجمين عند استحضار الجن والشياطين، فبمجرد حرق أنواع معينة منه وتلاوة بعض العزائم الكفرية تهرع الجن إلى الساحر، فالبخور قربان يتقرب به الساحر إلى شياطين الجن، باعتباره أحد طقوس السحر وعبادة الشيطان.
البخور المنبوذ أو (المخلط) من طقوس السحر:
وتنتشر في أغلب الأسواق أنواع البخور المخاط لا المفرد، وهذه طامة كبرى ألمت بنا وانتشرت من حولنا، فلا تكاد تجد البخور المفرد بقدر ما هو منتشر البخور المخلط، ويتفنن الناس في ابتكار خلطات جديدة من البخور كل يوم، وفي كثير من الأحيان يعتبرون مكونات الخلطة سر من أسرار الصنعة لا يبوحون به لأحد، وإليك نماذج من هذه الخلطات:
(معسل أبها) وهو مخلوط مكون من قشور نبات العرعر المدقوق والمخلوط مع الصمغ والمضاف له بعض الروائح العطرية ويعمل على هيئة اقراص وتستخدمه النساء في أبها وما جاورها كبخور ويعادله في نجد المعمول.
المعسل المستخدم في منطقة جازان ويتكون من دقة عود وظفر وماء ورد وهيل وسكر ويحضر بصهر السكر على النار حتى يعقد من جهة، وتبليل مساحيق العود والظفر والهيل بماء الورد من جهة اخرى ثم تضاف إلى السكر المائع ويضاف إلى ذلك ما يرغب من عطور اخرى ويترك حتى يصبح على هيئة قرص متماسك، ويبخر به الملابس وشعر النساء وهو يشبه المعمول في نجد.
(المعمول).. ويستخدم على نطاق واسع في منطقة نجد وخاصة في الرياض والقصيم ووادي الدواسر وهو على هيئة كرات بحجم بيض الحمام ويتكون من حوالي 17مادة، وكميات ونوعيات وجودة المواد تختلف من تركيبة إلى تركيبة، وعليه تختلف جودة المعمول بناءً على هذه الاختلافات وبعض هذه الفروق تبقى سراً للصانع وتروي مجموعة من السيدات من منطقة القصيم ان النساء يقمن بصنع المعمول من المواد التالية: ظفر وماء ورد ومسحوق العود ومسك أبيض ومسك أسود وعنبر معمول وزباد ومسحوق صندل وعنبرة سوداء ودهن العود ودهن الورد ودهن العنبر ودهن الصندل ودهن مخلط ودهن الزعفران ويجري تحضير المعمول كما يلي:
يؤخذ الظفر وينقى من اللحم ويغسل ويجفف ثم يحمس في محماس خاص مع الرمل الأحمر حتى يصبح لونه بنياً محمراً ثم يسحق.
تخلط المساحيق جميعها (الكميات متروكة حسب الذوق وباقية كأحد الأسرار العملية للمعمول وبالإضافة إلى نوعية المساحيق والدهون فهي أيضاً أسرار تؤثر على قيمة المنتوج، مع الصمغ وتخلط جيداً.
تبلل بكميات مناسبة من ماء الورد.
يضاف إلى ما سبق مخلوط جميع الدهون.
يعجن الجميع عجيناً جيداً ثم تقسم العجينة إلى كرات بحجم بيض الحمام ويتراوح سعر المعمول مابين 4حبات بريال إلى سعر الحبة الواحدة بثلاث ريالات.
(الند).. يتكون من عجينة رخوة لعدة مخاليط عطرية، حسب الزوق، يحضر من هذه العجينة قضبان دقيق بطول حوالي 7سم وتجفف أو تؤخذ اعواد بطول 30سم ويغلف معظم طولها بهذه العجينة ثم تجفف لتصبح جاهزة للاستعمال، حيث تشعل في قمة العود، والقضيب النار فيصدر منه دخان عطري.
ومن يتصفح كتب السحرة ومدوناتهم يجدها تحتوي في كل وصفة سحرية على التبخير بأصناف محددة من أنواع البخور المتخلفة، وإن كانت هذه الكتيب ليست بكتب السحر التي يستقي السحرة منها أصول صنعتهم، بل هناك كتب يسلمها شياطين الجن إلى السحرة لينهلوا منها أصول السحر وفنونه، لأن مصدر العلوم السحرية هو الشياطين كما أخبر جل وعلى في كتابه الكريم فقال: (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) (البقرة: 102)، ولكن تبقى كتب السحر المنتشرة في الأسواق هي مجرد ظل لما تحويه كتب السحر الحقيقية، وشتان بينهما، وهذا سوف نشرحه في بابه بإذن الله تعالى.
فمدونات كتب السحر تشترط على من أراد صنع سحر ما أن يبخر بخلطة محددة الأصناف من أنواع البخور المختلفة، ويشترط اقترانها بمواقيت محددة لظهور بعض النجوم والكواكب، وهذا له حسابات دقيقة، يستعين الساحر بالشياطين لضبط هذه المواعيد وتعلم علوم النجوم المتعلقة بالسحر، عن ابن عباس? (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد).?
فنجدهم يكتبون مثلا: (وبخر بكذا وكذا وكذا في ساعة كذا وكذا)، فيخصصون أنواع بخور محددة، ولا يطلبون صنفا واحدا فقط، بل يشترطون عدة أصناف مختلفة، فخلط البخور هو من أهم العلامات الهامة بين البخور المستخدم في السحر، وبين البخور غير المستخدم في السحر، وهذا يدل على وجود علاقة بين التبخير والسحر وبما أن السحر هو تداخل شياطين الجن بفائق قدراتهم في عالم الإنس، إذا فهناك علاقة وصلة وثيقة بين الشياطين وبين البخور المخلط، وهذا ما نريد التعرف عليه وبيانه، فالبخور المخلط هو نبذ لدهون وزيوت مختلفة الأنواع مع بعضها البعض، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نبذ الطعام، فإذا كان البخور من طعام الجن فحكم النبذ يسري عليهم شرعا كما يسري على الإنس، وعلى هذا فالجن المسلم محرم عليهم البخور المنبوذ، هذا باعتباره طعام لهم.
وعليه فالجن المسلم يقبل على البخور المفرد، بينما ينفر من رائحة البخور المنبوذ أو المخلط، والذي تقبل عليه الشياطين من كل حدب وصوب، وهذا هو السر في استخدام السحرة للبخور المنبوذ أو المخلط، ولا شغف لهم غالبا بالبخور المفرد إلا نادرا جدا، حيث يساعدهم البخور المنبوذ على جلب الجن والشياطين لإتمام السحر، لذلك يدخل البخور المنبوذ أو المخلط كأحد طقوس السحر، بل يعتبر البخور المنبوذ (مقدسا) ليدهم، وعلى هذا فالبخور من أعظم القرابين للشيطان، وقبل أكثر من مائة عام أعد الماسوني اليهوني لمِّي (Lemmi) أعد مائدة دعا إليها المناظرين له من رؤساء الماسونية وخطب فقال: (أشيد بذكرك يا شيطان، يا ملك وليمتنا، وأقرئك سلامي الطيب يا إبليس، و أرفع إليك بخوري المقدس..).
النهي عن نبذ الطعام:
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلط التمر والزبيب جميعا وأن يخلط البسر والتمر جميعا وكتب إلى أهل جرش ينهاهم عن خليط التمر والزبيب وحدثنيه وهب بن بقية أخبرنا خالد يعني الطحان عن الشيبانالتمر والزبيب ولم يذكر البسر والتمر.
عون المعبود شرح سنن أبي داود عن صفية بنت عطية قالت دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة فسألناها عن التمر والزبيب فقالت: كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في إناء فأمرسه ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم.
فأمرسه : من باب نصر أي أدلكه بالأصابع . قال الخطابي : تريد بذلك أنها تدلكه بأصبعها في الماء. والمرس والمرث بمعنى واحد. وفيه حجة لمن رأى الانتباذ بالخليطين انتهى.
قال المنذري: في إسناده أبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي البصري ولا يحتج بحديثه.
قال العلماء سبب الكراهة فيه أن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنه ليس مسكرا ويكون مسكرا والجمهور على أنه نهي تنزيه والزهو بفتح الزاي وضمها البسر الملون الذي بدا فيه حمرة أو صفرة وطاب.
وهذا الكلام يعني أن البخور المنبوذ إن لم يكن مسكرا للإنس، إلا أنه مسكر بالنسبة للجن باعتباره يمثل غذاءا لهم، وعلى هذا فإن كان ما هو مسكر يذهب العقل والوعي أو يضر بالإنسان، فإن الإنسان يكون في حالة ضعف ووهن، وهذا ما يتم عند استخدام البخور المنبوذ، فإنه يضعف الجن المسلم الذي يضطر للفرار من رائحته، بينما تجذب رائحته الشياطين والأبالسة إلى البيوت، وتنقاد إلى السحرة، وعلى هذا فالبخور المنبوذ يمثل خطرا على كل من هو مصاب بالمس او السحر، حيث تخلى البيوت من عمارها من الجن المسلمين وتهرع إليها الشياطين بالأذى والعدوان، وهذا من جملة أسباب خلو بيوت المسلمين من الجن الصالحين وعمرانها بالأباسة والشياطين، هذا بخلاف أن هناك خلطات من بخور السحرة تعتبر سامة وقاتلة للجن المسلمين الذين يفضلون البخورات الطيبة كالعود المفرد والمسك على حدته وما شابه.
حكم التطيب بالبخور:
في سؤال إلى الدكتور/ أحمد بن عبد الكريم نجيب يقول: يتورع البعض عن استعمال البخور بدعوى أنه من سَنَن غير المسلمين ، فهل هذا صحيح ؟
الجواب:
أقول مستعيناً بالله تعالى: مما لا شك فيه أن البخور يستعمل عند غير المسلمين تعبداً، فهو من الطقوس (الشعائر) التعبدية في معظم الديانات الوثنية المعروفة اليوم، وخاصة في دول شرق آسيا وجنوبها، حيث يكثر استعماله في المعابد وبين أيدي الكهنة والسحرة والمشعوذين، ولا تكاد تخلو شعيرة من شعائرهم من استعماله بأنواعه المختلفة. وعند الهندوس ـ خاصةً ـ يعتبر البخور طيباً مقدساً يوجبون استعماله في أفراحهم وأتراحهم بما في ذلك إحراق موتاهم به.


These examples of the offering of incense are from the temple at Karnack:
استخدام المبخرة عند سحرة الفراعنة (معبد الكرنك)

رسم تخطيطي للمبخرة المستخدمة في النحت البارز أعلاه
قسيس يحمل مبخرة يبخر بها اثناء أداء الصلوات كأحد الطقوس الكنسية
وليس اعتبار البخور من الشعائر الدينية عند النصارى بالخفي، بل هو من أبرز ما يظهر في مناسباتهم، ومن قُدِّر له أن يرَ شيئاً منها مصوراً أو عياناً لم يخفَ عليه ذلك. لذلك أفتيت مع من أفتى سابقاً بأن التطيب بالبخور مكروه في أقل أحواله، إذ فيه من التشبه بالكفار في بعض شعائرهم الدينية ما لا يخفى. ثم رجعت عن القول بكراهته فضلاً عن تحريمه في حق من لا يستعمله بنية التشبه بالكافرين في عاداتهم أو عباداتهم، نزولاً على مقتضى الأثر ـ رغم ما في النفس ـ لأن التطيب به كان معروفاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره، ولم ينه عنه. فقد روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في المحرم الذي مات: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة مُلبياً). والتحنيط كالتجمير وهو تبخير الميت، أي تطييبه بالبخور. فإن قيل: إن هذا الحديث ينهى عن تحنيط الميت، فكيف يستدل به على المراد بالنسبة للحيِّ؟ قلنا: ما يراد إثباته في هذا المقام هو أن استعمال البخور كان معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه و سلم ، و لم ينكره أو ينهَ عنه. أمَا و قد جاء النهي عن تحنيط الميت المحرم خاصة ، فبدلالة المخالفة ينتفي النهي عن تحنيط المسلم حياً ، وغير المحرِم من موتى المسلمين ، و الله أعلم .
يضاف إلى ذلك أن بعض أهل العلم استحبوا إجمار ( تبخير ) الميت ما لم يكن حاجّاً ، لما رواه أبو يعلى و الحاكم في المستدرك والبيهقي في الكبرى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أجمرتم فأوتروا).
و كذلك ما رخص فيه للمرأة المعتدة من وفاة زوجها، فقد روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده، عن أم عطية رضي الله عنها، قالت: ( كُنَّا نُنْهَىَ أَنْ نُحِدَّ عَلَىَ مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، إِلاَّ عَلَىَ زَوْجٍ ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و عَشْراً ، و لاَ نَكْتَحِلُ ، و لاَ نَتَطَيَّبُ، و لاَ نَلْبَسُ ثَوْباً مَصْبُوغاً ، و قَدْ رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ فِي طُهْرِهَا ، إِذَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضِهَا ، فِي نُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ و أَظْفَارٍ).
قال النووي رحمه الله [ في شرح صحيح مسلم : 10 / 119 ] : ( أمَّا القسط فبضمِّ القاف ، و يقال فيه: كست بكاف مضمومة بدل القاف و بتاء بدل الطَّاء ، و هو والأظفار نوعان معروفان من البخور وليس من مقصود الطِّيب رخَّص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرَّائحة الكريهة تتبع به أثر الدَّم لا للتَّطيّب، و الله أعلم).
قلتُ: ما رُخِّص فيه للمعتدة، مع ما يجب عليها أثناء عدتها من البعد عن الطيب والزينة، أولى بأن يُرَخَّص فيه لغيرها . وعليه فلا بأس ـ والله أعلم ـ في التطيب بالبخور ونحوه على سبيل العادة لا العبادة، خاصة إذا انتفت نية وشبهة التشبه بغير المسلمين. هذا، والله أعلم وأحكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
مخاطر كثرة استخدام البخور على الصحة:
يقول: د. حسان شمسي باشا:
أظهرت دراسة نشرت عام 2001 في مجلة New Scientist أن دخان البخور المستخدم لدى الهندوس والبوذيين والنصارى والمسلمين في المنازل أو المعابد أو الكنائس أو المساجد يحتوي على مواد يمكن أن تسبب سرطان الرئة .
فقد أشارت الدراسة إلى أن المادة الكيميائية التي يعتقد أنها يمكن أن تسبب سرطان الرئة بلغت نسبتها في أحد المعابد في تايوان ( وكان المعبد سيئ التهوية ) أربعين ضعفا لما هي عليه الحال في منازل المدخنين .
وقد عثر داخل المعبد على نسب عالية من مواد تدعى PIH (وهي مواد هيدروكربونية عطرة متعددة الدارات) وتبعث عند احتراق بعض المواد . كما عثر على مركبات كبيرة من البنـزوبيرين – وهي أيضا من المواد التي يمكن أن تسبب السرطان – .

حذر استشاري في الحساسية والربو من آثار البخور منبها مخاطره بنفس مخاطر التدخين. ويستعد السعوديون لحرق اكثر من ؟؟ طنا من البخور خلال فصل الصيف الحالي الذي تكثر فيه حفلات الزواج والمناسبات الاجتماعية. وحذر الاستشاري في الحساسية والربو من آثار البخور على الجهاز التنفسي مؤكدا أن البخور له أضرار مشابهة لأضرار السجائر. وقال الدكتور حرب الهرفي أنه ليست هناك دراسات كثيرة موثقة بشأن هذا الموضوع ولكن تبين من مراجعة كثير من المرضى الذين يعانون من التهاب القصبات الهوائية المزمن الانسدادي أو حالة تشبه حالة الربو مع عدم وجود علاقة لهم بالتدخين وإنما بسبب استنشاق البخور بشكل متكرر وخصوصاً في المناسبات.
وأضاف الهرفي أن الضرر يتناسب تناسباً طردياً مع ضيق المساحة المستنشق فيها البخور وكذلك الأنواع المستخدمة فالبخور هو أعواد حطب مضاف لها دهون معينة مع التأكيد على كمية الدخان المستنشقة.

لقد اعتاد الناس على استخدام البخور (العود) كنوع من التقدير للضيوف أو الزوار وفي كثير من المناسبات والظروف فما إن يأتي رمضان إلا ونرى مباخر العود تتوالى أو تتكاثر في المساجد إكراما لبيوت الله وتكريما للمصلين فجزى الله المحسنين خيرا، ولكن يا ترى هل هذا الزمان هو كالأزمنة الماضية يتمنى الواحد منا أن يستنشق رائحة العود؟ ولو كانت يسيرة ليحس بنشوة قصيرة أما اليوم فما يكاد أن يخلو منه بيت وما تكاد تدخل مسجدا في رمضان خاصة أو حفل زواج أو حفلات خاصة إلا وترى سحائب دخان العود تتصاعد إلى عنان السماء وترى المباخر تنتقل من يد إلى أخرى يستنشقه الحاضرون من أنوفهم، بل ويبالغ البعض باستنشاقه وكأنه يشم رائحة الجنة، وهو لا يعلم أنه يملأ رئتيه بثاني أكسيد الكربون السام وخلافه من الغازات الأخرى المشابهة، ومرة تلو أخرى يصاب الرجل بحساسية (أي ربو)، فتصرف تلك المبالغ للعلاج منه، وغالبا لن يبرأ صاحبه، ولكن هل هناك فائدة مقابل هذا الضرر؟ أبدا سوى رائحة زكية يسيرة لا تمكث ثواني في أنف الواحد منا، ثم ينساها ولكن السموم بالرئتين باقية إلى ما شاء الله، فإلى متى نستمر بحرق أموالنا في سبيل مضرتنا؟ وحسب علمي أن مبيعات العود تصل في كل عام إلى المليار ريال تقريباً، ولا ننسى أن مثل هذا المبلغ أو أكثر سيصرف للعلاج من آثاره، ولو تنازلنا عنه لوفرنا الكثير، فهلا نستيقظ ونعي ونفهم ونتجنب حرق الأموال فيما لا فائدة منه ترجى، ورحمة بصدورنا وصحتنا ورأفة بدولتنا التي تصرف مئات الملايين لعلاجاتنا من (الربو أو الحساسية.وقد نشرت إحدى الصحف يوم 8/10/1426هـ موضوعا يقول: إن في السعودية مليونا ونصف المليون من مرضى الحساسية مما ينذر بالخطر ولذا أقول: هل هناك فارق بين حرق الأموال باسم العود، والتي تحرق باسم الدخان أو السجائر؟ لا فرق بين الحالتين فكلا النوعين حرق للمال، وإتلاف للصحة، وسبب للإصابة ببعض الأمراض التي تؤدي إلى الوفاة أحيانا كثيرة، ناهيك عن العود المغشوش مجرد خشب بني مصبوغ بألوان العود وقد تكون سمومه مضاعفة. والعود خشب بثمن الذهب وقد بلغت قيمة المغشوش في عام واحد 500 مليون ريال، وقد حذر الطب من سمومه وأن هناك استشاريين في الحقل الطبي في أمراض الحساسية والربو يحذرون من آثار البخور على الجهاز التنفسي ويذهبون في تحذيرهم إلى التأكيد على أن للبخور أضرارا مشابهة لأضرار السجائر إذ تبين من مراجعة كثير من المرضى الذين يعانون من التهاب القصبات الهوائية المزمن الانسداد أو حالة تشبه حالة الربو عدم وجود علاقة لهم بالتدخين، وإنما بسبب استنشاق البخور بشكل متكرر، خصوصا في المناسبات، ويرى الأخصائيون أن الضرر يتناسب طرديا مع ضيق المساحة المستنشق فيها البخور، وكذلك الأنواع المستخدمة، فالبخور هو أعواد حطب مضاف إليها دهون معينة، مع التأكيد على كمية الدخان المستنشقة. والأعجب أننا نرى أن هناك توسعا سريعا في تجارة العود. صالح العبد الرحمن التويجري – الرياض