الحجامة Cupping

تأثير الحجامة في المركبات السحرية في الدم
الكاتب: بهاء الدين شلبي.

يختلف مفهوم الحجامة حسب أنوعها الثلاثة المعروفة، فإن كانت (حجامة رطبة) فهي استفراغ الدم المحمل بالأخلاط الرديئة من الجسد، وإن كانت (حجامة جافة) كانت وسيلة لنقل الدماء المحملة بالأخلاط الرديئة من مكان مؤثر إلى مكان أقل تأثير، وهي ما تعرف بكاسات الهواء، وإن كانت (حجامة منزلقة) فهي بغرض تدليك العضلات وتنشيط الدورة الدموية، ولا صلة للحجامة بخروج الجن من الجسد، إلا إذا أراد الجن الخروج بواسطتها، وهذا طاعة للشيطان بشكل غير مباشر واستعاذة به، فإذا خرج بواسطة الحجامة فلا مأمن من عودته إلى الجسد ثانية، ولكنها تعد مثبطة لنشاط الجن، ومسكنة أثناء العلاج، خاصة إذا تمت في المواضع التي يتركز فيها الجن من الجسد أفسدت على الجن مكانه، وهي مطهرة للدم بعد الشفاء من مخلفات الجن ونجاساتهم المترسبة في الدم والمعدة. عن ابن عباس‌ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي:‌ عليك يا محمد بالحجامة).( )

قال الحافظ: (أخرج أبو عبيد من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه بقرن حين طب)، قال أبو عبيد: يعني سحر.

قال ابن القيم: (بنى النبي صلى الله عليه وسلم الأمر أولاً على أنه مرض، وأنه عن مادة مالت إلى الدماغ، وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه، فرأى استعمال الحجامة لذلك مناسبًا، فلما أوحي أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له، وهو استخراجه، ويحتمل أن مادة السحر انتهت إلى إحدى قوى الرأس حتى صار يخيل إليه ما ذكر، فإن السحر قد يكون من تأثير الأرواح الخبيثة، وقد يكون من انفعال الطبيعة وهو أشد السحر، واستعمال الحجم لهذا الثاني نافع، لأنه إذا هيج الأخلاط وظهر أثره في عضو كان استفراغ المادة الخبيثة نافعًا في ذلك).( )
الحجامة باستخدام النار وهي الطريقة القديمة ولا زالت مستخدمة رغم توافر أساليب حديثة

وإذا كانت المادة الخبيثة إنسية وجنية فمن الواجب التعامل مع كلا المادتين، لتعطيل تأثير السحر، وعليه فالعبرة ليست بما يخرج بالحجامة الرطبة من دماء فقط، فهناك السائل الليمفاوي والذي يجري في الأوعية الليمفاوية أهم من الدم نفسه، لأنه يصرف مخلفات الدم والأخلاط الرديئة، لذلك عند الفحص السريري سوف يشعر المريض بالضغط الموضعي بوجود ألم تتفاوت حدتها من مريض إلى الآخر، ومن موضع محدد إلى موضع آخر، ولا يشعر بوجوده إلا في حالة الضغط عليه فقط، وعند تكرار الحجامة عدة مرات على نفس الموضع، وعلى فترات متفاوتة سيجد المريض أن الألم اختفى تمامًا، وفي الوضع العادي قد لا يشعر المريض بأي شكوى موضعية.

ومن المعروف عند إجراء الحجامة أن لون الجلد يتغير، فيصير متدرجًا من اللون الأحمر الوردي حتى اللون القرمزي، نتيجة لحدوث احتقان وتجمع دموي في موضع الحجامة، وفي بعض الأحيان لا يتخلف أي أثر لوني، رغم وجود الألم واختفائه تمامًا بعد إجراء الحجامة، مما يشير إلا أن تأثير الحجامة الجافة لم يقع على الدماء فقط، ولكنه يمتد ليشمل مكونات أخرى تسري في الجسم البشري، ومن جملتها قرين مادة الدم، وبهض المركبات السحرية الجنية، وبعض المركبات العضوية التي استجننها الجن.

وهذا يشير إلى أن الشيطان لا يسيطر فقط على الدماء، ولكن عمله يمتد إلى السيطرة على جميع السوائل في الجسم، لذلك فمن الخطأ حصر تأثير الحجامة في إطار الدم فقط، ولكن تأثيرها يشمل عناصر أخرى داخل الجسد، ومن هذه العناصر الأسحار الجنية، والتي هي في حقيقة الأمر خفية عن أبصارنا، وبالتعامل معها ينتهي أثرها وتضعف سيطرة الجن على الجسد ويصير معدًا للتخلص منه، وهذا يتضح عند إجراء الحجامة الجافة على حلمة الثدي ففي بعض الأحيان تخرج سوائل مختلفة رمادية أو صفراء أو بيضاء، وأحيانًا لا يخرج أي شيء يمكن رؤيته بالعين البشرية، ولكن اختفاء الألم من الثدي يدلل على أن ثمة شيء خفي قد خرج من حلمة الثدي، وإن لم نره بأعيننا، أي أن تأثير الحجامة ليس شرطًا له خروج سوائل الجسم، هذا في حالة التعامل مع الأمراض الروحية، والمتعلقة بالجن والشياطين.
أهمية علاج المس بالحجامة:
عندما نتكلم عن أهمية الحجامة وصلتها بعلاج المس بوجه عام، وعن علاج السحر بوجه خاص، فنحن لا نتكلم عن علاج السحر الرئيسي بالحجامة، والذي يؤرق المريض ويقلقه، بدليل أن الحجامة تجدي في علاج اللبس، وهو فرع من المس بدون أمر تكليف إنسي، إذًا فهناك ثمة أسحار أخرى تتعامل معها خلاف السحر الرئيسي، فلو استقر الأمر على علاج السحر الرئيسي فقط لكان الأمر منتهيًا، فعلاج سحر واحد بمفرده ليس بمعضل. ولكننا بصدد التعامل مع خضم هائل من الأسحار الفرعية والخدمية، والتي تقف عائقاً يحول دون التخلص من الشيطان، أو إبطال السحر الرئيسي، والتي يصنعها الجن بأنفسهم داخل الجسم لتحصينهم، سواء كان مكلفًا أو غير مكلف، ويعمل على تكوين هذه الأسحار على مدار سنوات طويلة، هي مدة شكوى المريض من علته، ويقوم بتخزينها في مواضع معينة من الجسد، يتم اختيارها بغرض التمكن منه والسيطرة عليه، لتشمل التحكم في جميع أجهزة الجسم بالكامل، وهذا يشير إلى أن كميتها ليست قليلة، وبالتالي فكمية الشياطين الموكلة بها أكثر غزارة منها، وبدون التخلص من هذه الأسحار الفرعية والخدمية سيبدو العلاج متعسرًا إلى حد كبير جدًا، فاستمرار بقائها داخل الجسد هو سبب فشل علاج أكثر حالات المس، بل وأهم سبب في طول مدة العلاج وتأخر الشفاء، وعليه فلن نتمكن من علاج السحر الرئيسي بسهولة ويسر، مختصرين الفاصل الزمني الكبير بين بداية العلاج وحصول الشفاء، هذا في حالة إصابة المريض بسحر، أما في حالة اللبس فبعد التخلص من الأسحار الخدمية المتعلقة بجسد المريض سنبدأ في التعامل مع الجن الصارع، لنتخلص من أسحاره الذاتية داخل جسده، حتى نصل في نهاية هذه الرحلة الطويلة إلى مواجهة الشيطان مجردًا من كل حول وقوة.

إن علاج المس بالحجامة بوجه عام متصل بمركبات الدم ووظيفته، بهدف تخليص الدم من الأخلاط الرديئة المحتوية على بعض المركبات السحرية، والتي تؤثر في سلامة تركيب الدم، فلا يحتفظ بمركباته نقية خالية من السموم الدخيلة عليه، حيث تتجمع المركبات السحرية في الشعيرات الدموية الدقيقة، لتصبح عائقًا يحول دون وصول الدم بكميات كافية إلى هذه المواضع، لينعكس سلبًا على هيئة قصور في وظائف الدم، وهذا في جملته يؤثر على سلامة الجسد، حيث يقوم الجن الصارع باستخلاص عناصر هذه المركبات مما قد يصل إلى المعدة من طعام وشراب ملوث بالسموم المختلفة، وتجميع ما قد يتخلف من السموم عن عملية الهضم والتمثيل الغذائي، أو من خلال ما قد يلتقطه الجسد من هواء مسموم عن طريق الجهاز التنفسي.
فالنجاسات والسموم تعتبر أحد أهم مكونات العناصر الأساسية لأمر التكليف، وهذه العناصر يستمد أغلبها من مخلفات الجسد كدماء الحيض والنفاس، والغائط، والبول، والمني، خاصة أن هذه المخلفات تمثل جزء متخلف عن جسد الممسوس، لأنها متخلفة عن عناصر دخلت في تكوين خلايا الجسد، وهذا مما يثبت السحر في الجسد، ويمنحه قوة تأثير عالية في المسحور له، لأن المكونات السحرية صارت متوافقة ومتجانسة مع تركيب جسد الممسوس، فهي جزء منه وليست بغريبة عنه حتى يرفضها ويلفظها، لذلك دائمًا ما يشعر من تناول سحر مأكول أو مشروب بالغثيان، فالمعدة ترفض استمرار بقاء هذه المواد الغريبة فيها، بينما الأسحار الموضعية أكثر استقرارًا وتجانسًا، فلا يرفضها الجسد لكونها تحمل أجزاء منه ليست غريبة عنه، وهذا يؤدي لصعوبة تخلص الجسم من هذه الأسحار، فسنضطر لاستخراجها نيابة عنه بواسطة الحجامة، فالحجامة تؤدي دورها البديل عن وظيفة أجهزة الإخراج، نتيجة لحيلولة الجن دون قيام هذه الأجهزة بوظيفتها تجاه هذه المكونات الضارة، لكون الأسحار الفرعية شديدة الالتحام بالجسد ومكوناته أكثر من السحر الرئيسي، وصار الأمر بحاجة للحجامة لإنهاء هذا التلاحم.
ومما يجزم أننا لا نتعامل فقط مع السحر الرئيسي، أن أمر التكليف في أكثر الأحيان غير متواجد في الجسد ومنفصل عنه تمامًا، فربما كان مدفونًا أو مخطى أو مستقر في قاع البحر، أو تم التكليف بواسطة التمتمة ومتابعة النظر بالعين المجردة، وهذا يعني استحالة العثور على أمر التكليف واستخراجه، فالحقيقة الغائبة عن أذهان الكثيرين أننا بصدد التعامل مع ملايين الأسحار الموزعة على شتى أنحاء الجسد، فالتجمع الدموي الواحد لا يحتوي على سحر واحد فقط، بل يحتوي على أسحار كثيرة جدًا، هذا بخلاف الأسحار التي يحتفظ بها الشيطان في جسده، (فسحر الحماية) يزاوله جميع السحرة، حيث يقومون بتوزيعها في أجسادهم، وهذا معروف منذ الحضارات الفرعونية والبابلية البائدة التي شاع فيها السحر، حسبما ورد في المصادر التاريخية، وما هو مدون في المخطوطات.
إذًا فمن الخطأ الجسيم أن نقول أننا نتخلص من السحر الرئيسي بالحجامة، حتى لو كان مأكولاً أو مشروبًا، فقد يصل تأثير الحجامة إلى الأعصاب والأوعية الدموية الموصلة إليها، لكن لا يمكن أن يصل تأثيرها إلى المحتويات الداخلية للمعدة بأي حال من الأحوال، لأنه يفصل بين المادة السحرية، وبين كأس الحجامة جدار عضلي سميك للمعدة، ومجموعة من أربطة وعضلات البطن، إلاَّ أنه يمكن التخلص من محتويات المعدة عن طريق الإخراج بالتقيؤ أو التبول والتبرز، وإما إخراجها إلى عالم الجن حيث يتم التخلص منها هناك، وبدون أية أضرار أو شكوى من المريض، إذًا فالحجامة لا تتعامل بأي حال من الأحوال مع الأسحار الرئيسية، ولكن الحجامة تتعامل مع الأسحار الفرعية فقط، والتي قام الجن ببنائها داخل الجسد، ولا صلة للحجامة بما صنعه الإنس من أسحار داخل الجسد، أو ما صنعه الإنس والجن من أسحار خارج الجسد.
رغم أن الحجامة تتعامل أساسًا مع الدم والليمف، حيث تستخرج ما يحتويه من أخلاط رديئة تضر بالجسد، وهذه هي الوظيفة الطبيعية للحجامة، إلا أنه ظهر فريق زعم بأن الحجامة علاجًا شافيًا للمس! وأن لها سلطانًا باهرًا على الجن والشياطين! وهذه الفكرة ربما جاءت كمحاولة من بعض الحجامين لتسخير الحجامة في علاج المس، من باب توسيع دائرة استخدامها، لإبراز الإعجاز العلمي للسنة النبوية، رغم أن الحجامة كانت معروفة قبل الإسلام بحقب مديدة، إلا أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأقرها، فالحجامة سنة إقرار وليست سنة ابتداء، فقاموا دون أن يتنبهوا بمحاكاة بما يقوم به السحرة والقساوسة من إخراج الجن بوخز الإصبع بدبوس، بهدف خداع الناس والترويج لدعاوى باطلة، وبأسلوب يتفق وقبول السذج والتنابلة للأوهام، فنقل الحجامون بدون قصد منهم نفس فكرة سفك الدم، ولكن بصورة مشروعة وهي الحجامة، بل وصل بهم الشطط أن قالوا بأن العفريت سيخرج بالحجامة الرطبة على عدة مراحل، وفي كل مرة يخرج منه جزء! وما كان لهم بهذا إلا أن راجت عليهم أكذوبة خروج الجن بسفك الدم، وشتان بين سفك الدم بغير وجه حق وبين الحجامة، فهم يستندون لدليل مشروعية استخدام الحجامة، ولكنهم عجزوا عن تقديم التفسير العلمي السليم لاستخدام الحجامة في علاج المس، لأن اجتهادهم لم يبنى على أسس علمية مدروسة، لذلك لم يكن لمبرراتهم غير المنطقية أن تحظى بالقبول، خاصة وأنه لم يثبت شفاء حالة واحدة بالحجامة شفاءًا تامًا، اللهم إلا مجرد تسكين آثار المس، وتوقف بعض أعراضه الظاهرة على المريض، والحقيقة أن المريض إذا خضع لكشف دقيق سوف يكتشف استمرار وجود الجن في جسده، لذلك يجب أن ندرس تأثير الحجامة في المس دراسة علمية دقيقة وليس لمجرد التعلق ببعض الأحكام الشرعية دون إدراك مغزاها.
خاصة وأن الجن تظهر منهم ردود فعل تدل على رعبهم الشديد لمجرد رؤية كأس الحجامة في يد المعالج، إذًا فهناك سبب مبهم يربط بين الحجامة والدم والشيطان، وليس بين الحجامة والشيطان فقط، وهذا ما قد سقط من حساباتهم، فالحجامة تتعامل مع الدماء ولا صلة لها مباشرة أو غير مباشرة بخروج الجن، وإن كان دور الحجامة مع الدم له تأثيره المباشر في الجن، والذي يضعف وينهار نتيجة انفصام عروة الأسحار المنغمسة في الاحتقان الدموي، والتي يعتمد عليها اعتمادًا كليًا في تأمينه وتحصينه، ودعم نشاطه العدواني داخل الجسد، لذلك يصمد الشيطان أمام تأثير القرآن زمنًا طويلاً، فتفكيك مركباتها بواسطة الحجامة هو ما يصيب الجني بالرعب والهلع، لأنها ستبدد عنصر الأمان الذي يحتمي به، بحيث سيصير عرضة لأي أخطار قد تعترضه مستقبلاً، فمن عظيم الخطأ القول بأن الحجامة يتم بها استخراج الجن، فهذه مقولة خيالية تجافي الواقع، وتخالف العقل الحصيف، وبعد البحث والدراسة تبين أن تأثير الحجامة مسكن، فهي تثبط من نشاط الجن، وتقوض من حركته لساعات وربما لعدة أيام، ثم يعود إلى سابق عهده.


حقيبة خاصة بكؤوس الحجامة طريقة حديثة عن طريق الشفاط اليدوي
لاحظ اختلاف احجام الكؤوس لتتناسب مع كل موضع من الجسم
وبناءا عليه سوف أبدأ بإذن الله تعالى بإعطاء معلومات عامة عن الحجامة، وذكر كل ما هو متصل بها من كلام أهل الذكر والتخصص.
وبعد هذا سوف أبدأ بإذن الله تعالى في شرح نظريتي وطريقتي الجديدة في علاج المس والسحر بالحجامة، وكذلك تحديد بعض المواضع الخاصة بعلاج المس والسحر، والتي لم يقف عليها أهل الطب بعد حتى الآن.

 

الهدي النبوي في الحجامة

بقلم الدكتور الطبيب محمد نزار الدقر
لمحة تاريخية
الحجامة علاج عرفته كثير من الشعوب القديمة كالصينيين والبابليين واليونان والفراعنة إذ أن أقدم الوثائق عن الحجامة وجدت منذ 1500 ق.م عند قدامى المصريين تمثلت في نقوش تظهر أدوات طبية استخدموها لهذه العملية (1)


قرون الماشية وسيلة بدائية للحجامة وما تزال تستخدم في المناطق النائية

ويرى أبقراط (2) أن الفراعنة قسموا الطب العلاجي إلى نوعين: طب الصوم وطب الإخراج ويعنون به الحجامة عن طريق شرطات يحدثونها في الجلد . وإن ما كتبه أبقراط ( حوالي 400ق.م ) هو أقدم النصوص المكتوبة حيث كان وأتباعه يطبقون الحجامة لمعالجة المصابين بالتهاب اللوزيتن وعسرة الطمث، وكان يشترط في المحاجم أن تكون صغيرة القطر، مخروطية الشكل وخفيفة الوزن وخاصة عندما يكون المرض المعالج متركزاً في الأعماق .


شفط الحجامة بواسطة الفم طريقة بدائية

وتؤكد بروس بينتلي(3) أن أبقراط عرف الحجامة بشكليها الجافة والرطبة . وأن الحجامة بقيت معروفة في الممارسة الطبية في كل أنحاء أوربا وطبقها العالم اليوناني غالن (150ق.م) وبراسيلوس(1500م) وأمبروس بار(1590م).

أدوات حجامة أثرية (عبارة عن قرون)

لقد تطورت الحجامة عبر الزمن واستخدمها بعض الأقوام لسحب السموم من لسعات الحيات وغيرها من الإصابات الجلدية باستخدامهم لقرون الحيوانات المجوفة بعد تفريغها من الهواء بمصه عن طريق الفم ثم تطورت باستخدام كؤوس من خشب الخيرزان صنعت من الزجاج(1)
كؤوس الحجامة
ومع تطور الكؤوس تطورت أيضاً التطبيقات السريرية للحجامة وكذا مع تنوع الثقافات التي هيات الحجامة لتكون آلية ممتازة لحفظ الصحة. ويبدو أن الصينيين هم الذين وسعوا الانتفاع بالحجامة. وترى أنيتا شانون أن أول تقرير طبي علمي كتب عام 28 م فيه مقولة صينية مفادها أن المعالجة بوخز الإبر مع الحجامة تشفيان أكثر من نصف أمراض البشر، وتوضح معطيات الطب الصيني أن الحجامة تبدد الركودة الدموية، والتي بسببها تعمل مؤثرات خارجية تدخل العضوية في حالات مرضية مختلفة .


الحجامة بواسطة كؤوس من عيدان البامبو في الصين

جي هونغ ( عام 340م )أول من وصف في كتابه ” وصفات الطوارئ ” الحجامة وقررها كعلاج إسعافي واستعمل لها القرون الحيوانية .
وفي كتاب Tang Dynasty وصفت الحجامة لمعالجة السل الرئوي والأمراض المشابهة. بعد ذلك تحدث Zhao Xuemin عن أهمية الحجامة باستعمال محاجم مسخنة بحرق قطعة من الصوف فيها تصنع من الخشب أو الخزف ويصفها لمعالجة الصداع الناجم عن البرد، والدوار، والآلام البطنية وأوجاع المفاصل(1) .

كأس حجامة زجاجي طراز أكثر تطورا من القرون

وهناك نصوص من طب الفراعنة تؤكد استعمالهم للحجامة في معالجة حالات مرضية متعددة كالحمى والآلام والدوار واضطراب الطمث وضعف الشهية من أجل تعجيل شفائهم. ومن عند المصريين انطلقت الحجامة إلى اليونانيين ومنهم انتقلت إلى الشعوب الأوربية وحتى إلى الأمريكيين(1)
كما أثبتت المصادر التاريخية معرفة العرب في جاهليتهم للحجامة (2) وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم قومه على الانتفاع بهذه الطريقة العلاجية، بل واستخدمها النبي صلى الله عليه وسلم للوقاية من العديد من الأمراض كتبيغ الدم ولمعالجة بعضها الآخر كما سنجد ذلك مفصلاً في فصول قادمة من هذا الكتاب .

الحجامة في الحضارة الإسلامية

ومنذ مطلع القرن التاسع عشر (1)ظهرت أوراق بحث تفيد تطبيق الأطباء الأوربيين والأمريكيين للحجامة في الممارسة العملية. كما أثمرت جهود التعاون بين الأطباء السوفيت والصينين عن نتائج طيبة في التطبيقات السريرية للحجامة وأصبحت من المعالجات الأساسية هناك حيث تجدها مطبقة في معظم مشافي الصين. كما أن حجامة الثديين أصبحت تمارس لمعالجة الأثداء الملتهبة( الشكل 2) وفي اضطرابات الرضاعة حيث طبقت ممصات الثدي العائلية Breast Pumb .

أدوات حجامة في بداية تطورها المعاصر

وفي أواخر القرن العشرين (2)دخلت تطورات مهمة على تقنية الحجامة إذ ظهرت نوعيات من الكؤوس مجهزة بمضخات يدوية عوضاً عن استعمال النار في تفريغ الهواء حيث يوجد لها مدك وصمام يتم غلقه أثناء سحب المدكّ ثم يعاد فتحه بعد الانتهاء من عمل الحجامة فيتسلل الهواء إلى داخل الكأس ويمكن بذلك رفعه بسهولة ثم ظهرت بعد ذلك محاجم مزودة بمضخات كهربائية لتفريغ الهواء .
وفي تحقيقه لكتاب ” الطب من الكتاب والسنة (3) ” كتب د. عبد المعطي قلعجي مؤكداً أنه حتى عام 1960 لم تكن تصدر مجلة طبية أو كتاب في علم وظائف الأعضاء أو العلاج إلا وللحجامة فيه ذكر وفوائد وآلات. و ذكر أن بعض الشركات المختصة بإنتاج الأجهزة الطبية أنتجت حقيبة خاصة لأدوات الحجامة. وفي عام 1973 وقع بيدي كتاب عن علاج الروماتيزم والتهاب المفاصل لمؤلفه د.فورستر لنغ فوجدته يشير إلى الحجامة كمخفف للآلام الرثوية الشديدة .
و في عام 1975 ذكرها الأستاذ زكي سويدان في آخر طبعة من كتابه “التمريض و الإسعاف” القاهرة, حيث ذكر مواضع الحجامة و أنها وسيلة ناجحة لعلاج حالات هبوط القلب المترافق مع ارتشاح في الرئتين و ببعض أمراض القلب و آلام المفاصل.
و في عام 1978 ذكر الحجامة د.عبد العظيم رفعت أستاذ الجراحة في جامعة القاهرة في كتابه Surgery كطريقة لمعالجة عسر التبول الناتجة عن التهاب الكليتين و تطبق الحجامة هنا على الخاصرة.
يدل هذا على أن الطب إن أغفل الحجامة في مطلع القرن العشرين إلا أنه عاد و اعتمدها كعلاج من العلاجات النافعة يتعاضد معها للوصول إلى الشفاء و من ناحية أخرى ترى بعض الأبحاث أن الحجامة تنفرد في معالجات تنفع فيها و تخفف الآلام و ليس لها أي مضاعفات جانبية .


أدوات غير صحية لإجراء الحجامة

يقول د.أيمن الحسيني(1) في مقدمة كتابه عن الحجامة و الذي صدر عام 2003:
“الحجامة وسيلة علاجية قديمة جدا عادت للظهور و الانتشار من جديد و أصبح تعليمها و القيام بها يستهوي كثيرا من الأطباء بعدما أثبتت دراسات علمية في دول مختلفة من العالم فعالية هذه الوسيلة العلاجية القديمة في مداواة و تخفيف كثير من متاعبنا الصحية” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *