الشيطان وعلاقته بالثدي والرضاعة

 

الكاتب: بهاء الدين شلبي.

تكلمنا في المراحل السابقة عن علاقة الشيطان بالإنسان منذ كان حيوانا منويا يسبح في بحيرة هائلة من السائل، والذي يعد غذاؤه في هذه المرحلة الأولى، ثم انتقلنا إلى المرحلة التالي وهو جنين في بطن امه يتغذى عل ما تجود به المشيمة ذلك الجهاز العملاق العجيب الصنع، وانتقلنا في الدراسة والبحث إلى خط سير المواد السحرية دخل جسم الإنسان، وكيف يتحرك معها الشيطان للسيطرة على آلة الجسم الهائلة، واليوم على التوالي نبدا لنتكلم في مرحلة ما بعد الولادة إلى مرحلة الفطام، ألا وهي مرحلة الرضاعة، وعلاقة الشيطان بالثدي ولبن الرضاعة وكيف يسيطر الشيطان على غذاء الوليد.

إن أهمية دراسة الثدي والثَندوة( ) تشريحيًا لدى الذكر عمومًا وبالنسبة للأنثى على وجه الخصوص، هو مما يساعدنا على فهم عمل الشيطان وتأثيره في رضاعة الطفل خصوصا، وتحديد أماكن تجمع أسحارهم داخله، حيث تتواجد معظم العقد الليمفية خاصة عند الإبط، أما بالنسبة للعلاج الروحاني؛ فهي تساعد على تحديد موضع إجراء (الحجامة الجافة)، للتخلص من الأورام الحميدة والخبيثة قبل بداية نشأتها، هذا إلى جانب تواجد الغدد اللبنية، ويعرف ذلك بوجود آلام تبدو طفيفة قبل الضغط عليها للتأكد من وجودها، وخصوصًا حيث يقع الرُّغَثاوان، ( ) وهما عرقان في الثديين يدران اللبن، وربما لا تشكو المريضة من أية ألام أو أعراض، ولا تدرك وجود هذه الآلام إلا في حالة عمل اختبارات أورام الثدي، ولها طريقة خاصة يجب ان تتقنها كل امرأة.

والعقد الليمفاوية حول الثدي خاصة عند الإبط هي من أكثر الأماكن التي بدا سرطان الثدي عمله هناك، لذلك يجب الكشف للتأكد من وجود مس لدى المريضة، وعلاجها علاجا وقائيا ضد أي بداية محتملة قد تنقلب إلى وجود أورام خبيثة في المستقبل البعيد او القريب


 

لاحظ توزيع العقد والغدد الليمفاوية عند الإبط وانتشار الأوعية الليمفاوية في الثدي
من خلالها يستطيع الشيطان تجميع مركبات سحرية داخل الثدي والإضرار به على المدى البعيد

الرُّغَثاوان: العَصَبتانِ اللَّتان تحت الثديين؛ وقيل هما ما بين المَنْكِبَيْنِ والثَّدْيَيْن، مما يلي الإِبْطَ من اللحم؛ وقيل: هما مَغْرِزُ الثَّدْيَيْن إِلى الإِبْط؛ وقيل: هما مُضَيْغَتانِ من لحم، بين الثَّنْدُوَةِ والمَنْكِب، بجانِبيِ الصَّدْر؛ وقيل: الرُّغَثاءُ مثالُ العُشَراء، عِرْقٌ في الثَّدْي يُدِرُّ اللَّبَنَ. التهذيب: الرَّغَثاءُ بفتح الراءِ عَصَبةُ الثَّدْي؛ قال الأَزهري: وضم الراءِ في الرُّغَثاءِ أَكْثَر؛ عن الفراءِ؛ وقيل: الرُّغَثاوانِ سَوادُ حَلَمَتي الثَّدْيَيْن. ورُغِثَتِ المرأَة تُرْغَثُ إِذا شَكَتْ رُغَثَاءَها.

الثَّنْدُوَةُ: لحم الثَّدْي، وقيل: أَصله، وقال ابن السكيت: هي الثَّنْدُوَة للحم الذي حول الثَّدْي، غير مهموز، ومن همزها ضم أَوّلها فقال: ثُنْدُؤَة، ومن لم يهمز فتـحه؛ وقال غيره: الثُّنْدُوَةُ للرجل، والثدي للمرأَة؛ وفي صفة النبي: عاري الثُّنْدُوَتَيْنِ؛ أَراد أَنه لم يكن على ذلك الموضع لحم.

 


لاحظ انتشار العقد والغدد الليمفاوية حول الثدي
كل هذه المواضع ينشأ عندها الأورام الخبيثة (وبفعل الشيطان)

وفي الثدي يقبع الشيطان لينفث عزائمه الكفرية في لبن الرضاعة، وقبل مروره إلى القنوات اللبنية محملاً بالأسحار والشياطين، لينفذوا من خلال حلمة الثدي إلى فم الرضيع ومنه إلى جوفه، وكذلك تجمع الشياطين داخل النسيج الدهني، حيث (إن دهن الصفائح السطحية في هذه المنطقة ليس غزيرًا جدًا عادة، إلا في أجسام السيدات، حيث يكون غزيرًا في منطقة غدة الثدي)،( ) فيبدو الثدي مترهلاً، وأكبر حجمًا بكثير من الطبيعي، ولا صلة بين ضخامة الثدي وصغره، وبين ووفرة اللبن، فإذا تم العلاج تخلصت المرأة من هذه التجمعات الشيطانية، ليتراجع الثدي إلى حجمه الطبيعي، بفروق واقعية لا بأس بها، ولكن الأمر بحاجة إلى التمارين الرياضية، حتى لا يترهل الثدي ويسترد قوامة وانتصابه.وفي أحيان أخرى يكون الثدي بحاجة إلى إحراء عملية شفط للتجمعات اللبنية وغيرها من الثدي، وذلك بالشفط بواسطة شفاط اللبن، او بالحجامة الجافة، ويخرج اللبن هنا ذو رائحة زفرة، وذلك بعد فترة من احتباس اللبن فيه، وأحيانا تخرج إفرازات بنية او حمراء أو بيضاء أو شفافة أو رمادية أو صفراء حسب كل حالة مرضية، والأهم في العلاج من المس والسحر انه تخرج مكونات سحرية خفية لا تعرى بالعين البشرية، وهذا يكون مع الرقية والعلاج.


صورة توضيحية للمكونات الثدي
الثدي Mamma:
(وهو مكون من 1_ غدة الثدي 2_ الصفائح السطحية التي تكون الغدة مطمورة فيها 3_ الجلد الواقع فوقها بما في ذلك الحلمة والهالة التي حول الحلمة. وغدة الثدي في الأنثى موضوعة على مقدم الصدر، وإلى حد ما كذلك على جانبه، وهي تقع في الصفائح السطحية، ويرجع قوامها الأملس كثيرًا إلى غزو مادتها بالنسيج الدهني لتلك الصفائح. وتعلو الحلمة الثدي أسفل نقطته الوسطى بقليل، وعلى مستوى يقابل عادة للمسافة بين الضلعية الرابعة (إلا إذا كان متدليًا)، وهي موضوعة في وسط رقعة دائرية من الجلد الملون، تعرف (بهالة الثدي Areola).
وليس هناك دهن تحت الهالة، أو في الحلمة، ويحدث في هذه المنطقة تغير غريب اللون، أثناء الشهر الثاني من أول حمل، ففي ذلك الوقت يصبح اللون الوردي الرقيق لجلد الحلمة والهالة، وقد تحول إلى بني بترسب مادة ملونة، وهو لا يستعيد منظره الأصلي ثانية أبدًا، وتمتد قاعدة الغدة من جانب القص إلى الخط الإبطي الأوسط تقريبًا، ومن الضلع الثاني إلى الغضروف الضلعي السادس، وحوالي ثلثي الغدة موضوع على العضلة الصدرية العظيمة، بينما يمتد الجزء الباقي _ ثلثها السفلي الوحشي _ إلى ما يلي طية الإبط الأمامية، ويقع على العضلة المسننة الأمامية، والعضلة المنحرفة الظاهرة لجدار البطن، ويمتد من الجزء المتعلق بالحرف السفلي من العضلة الصدرية العظيمة، امتداد إلى أعلى في الإبط _ الذنب الإبطي للثدي _ ويصل عاليًا حتى الضلع الثالث.

وليس لغدة الثدي محفظة، وهي ليست محصورة في غمد صفائحي، وتختلف في تلك الوجوه عن غدد كثيرة أخرى، وفصوصها وفصيصاتها مطمورة في الصفائح السطحية من خيوط النسيج الليفي، تمر خلال الصفائح السطحية من الجلد، إلى الصفائح الغائرة، تكون الخيوط سداة الغدة أو هيكلها، وتدخل الأوعية الدموية الثديية، وبعض أوعيتها الليمفية، الغدة وتتركها على طول هذه الخيوط، وهي تسند الأجزاء المختلفة من النسيج الغددي الحقيقي، وتمسكها معًا، وهو النسيج الذي يتكون من أنابيب مبطنة بخلايا، وهي تلصق الغدة في كل من الجلد والصفائح الغائرة.

ويتركب جسم الغدة الرئيسي من نسيج غددي، وسداة، مرتبين بإحكام ليكونا كتلة مخروطية ذات قاعدة واسعة، ولكن نتوءات كثيرة من السداة، ومادة الغدة، تنتأ من سطح الكتلة المركزية، ومن حروفها، ويعطي الدهن الذي ترسب في التجاويف التي توجد بين النتوءات للثدي قوامه المستدير الأملس، وتجمع الأنابيب الغددية التي تفرز اللبن معًا في فصوص مميزة _ 15 إلى 20 في العدد _ ويجزأ كل إلى فصيصات، وجميعها مفصولة الواحد عن الآخر بالسداة الليفية، وتتجمع القنوات اللبنية Lactiferous duct واحدة من كل فص على الحلمة، وتحت الهالة تمتد كل قناة لتكون جيبًا لبنيًا Lactiferous sinus ، ثم مضيقة ثانية تفتح باستقلال على قمة الحلمة).( )


القنوات اللبنية Lactiferous duct حيث ينفث الشيطان سحره في لبن الرضاعة
علاقة الشيطان بالثدي:
الثدي من الأعضاء التناسلية الهامة جدًا، والذي يأوي إليه الشيطان بالنسبة للأنثى، فجل اهتمام المعالجين منصب على مشكلات الرحم والفرج، ويصفون لهما العلاجات المناسبة، في الوقت الذي يغفلون فيه تماما عن الثدي، وعن خطورة تواجد الشيطان داخله، وهو يعد مكمن الشياطين الذي يأوون إليه بعد انتهاء العلاج، فهو يحتل من الجسد موقعًا هامًا جدًا، حيث يقع فوق القلب وعلى الرئتين، ويحتوي على الحلمتين، اللتان تعدان من إحدى مداخل ومخارج الجسم الهامة، لقربهما من الصدر والقلب، وهذا الموقع هو أقرب موقع من الرأس والمخ، وهذا يدلل على أهمية موقع الثدي عن سائر الأعضاء الأخرى، هذا بخلاف أن الثدي زينة للمرأة ومن أهم رموز أنوثتها، ومتعة للزوج، ومرضع الوليد.
وعلى هذا فأي مشكلات في الثدي قد تتسبب في معاناة جمة للمرأة نظرا لرهافته وحساسيته الشديدة، فتذهب زينتها، وقد يحرم وليدها من الرضاعة، وتتألم لأدنى احتكاك به، خاصة إذا لمسهما زوجها تألمت، وأحيانًا على العكس تمامًا، ففي بعض الحالات تحضر شيطانة ساحرة على جسد الزوجة أثناء المعاشرة، فتقوى نفسها بمداعبة الزوج لثديها عن طريق ثدي الزوجة، لذلك يجب أن يتنبه المعالج لوصف المريضة لملامح جسد هذه الشيطانة، سواء رأتها منامًا أو بالكشف البصري، فستلاحظ قوة ثدييها وامتلاءهما بشكل ملفت للانتباه، حيث تجعله الشيطانة مجمعًا لخدامها وأعوانها، على أي حال فالزوج مطالب بتجنب مداعبة الثدي طول فترة بقاء هذه الشيطانة في الجسد، وإلا تعطل العلاج وتأخر.

الشيطان والرضاعة:
ليس الثدي مجرد عضو تناسلي ورمز أنثوي مقتصر على الإثارة الجنسية فقط، وإن كان الشيطان كثيرًا ما يستغله لهذا الهدف، إلا أن الثدي يعد عضو منتج للبن كغذاء للرضيع في مرحلة الرضاعة حتى مرحلة الفطام واعتماده على نفسه في تناول الغذاء، وهذه هي وظيفته الأساسية التي خلق من أجلها، فسنجد أن حلمة الثدي هي منفذ عبور اللبن إلى فم الطفل، ومص الطفل للحلمة يفقد الشيطان سيطرته على هذا العضو، فلا تسمح له بنفث أسحاره في اللبن قبل وصوله إلى فم الرضيع مباشرة، لينتقل اللبن الملوث بمكوناته السحرية المتسربة من دم الأم إلى لبنها، ومنه إلى جوف الرضيع مباشرة، ولكن يعمد الشيطان إلى القنوات اللبنية Lactiferous duct التي يتجمع فيها لبن الرضاعة البكر، فينفث فيها سمه وسحره، ومنها إلى الحلمة فجوف الرضيع.


صورة توضح تجمع القنوات اللبنية إلى الحلمة مباشرة

وهذا أمر في غاية الخطورة جدًا، ففيه إشارة هامة تدل على أن الشيطان يعد بناء جسد الطفل بالأسحار مبكرًا، فهذا الإعداد المبكر يهيئ الطفل منذ نعومة أظفاره لسيطرة الشيطان على جسده عند وصوله سن البلوغ، فقد يكون هناك من يبغض أحد الوالدين، ويريد أن يصيبه بالحسرة والحزن على ولده، فيصنع له سحرًا، أو أن الشيطان استرق السمع ونجم، فعلم أهمية مستقبل هذا الطفل، مما يحفز الشيطان لإعداده للمس مقدمًا، قبل تعسر اقتحام جسده مستقبلاً.

ولأن القنوات اللبنية تتجمع في اتجاه الحلمة فإن جل القنوات اللبنية متواجد أسفل هالة الحلمة، لذلك فعند الشفط بالحجامة الجافة يجب مراعاة اختيار كأس يتناسب وسعة رقعة هالة الحلمة، وهذه ملاحظة يجب التنبه إليها، فلا يتم اختيار كأس صغير فتفلت اجزاء من الشفط، وبالتالي نترك مخلفات شيطانية قد تضر في المستقبل.

فمن الممكن أن تظهر على الطفل أعراض المس في سن مبكرة، وفي هذه الحالة نعالج الأم بدلاً من علاج الرضيع، وهذا يسري على كل من لم يبلغ الحلم بعد، وإن كان الثابت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم عالج الأطفال مباشرة، وبدون علاج أمهاتهم، فربما كان هذا من خصائص النبوة، إلا أن الثابت لدينا بالتجربة العملية وبإجماع المعالجين ذوي الخبرة أن علاج من لم يبلغ الحلم يتم بعلاج أمه، فعند علاج البالغين نعود بهم إلى تاريخ بداية ظهور الأعراض، فإن ظهرت قبل البلوغ رجعنا إلى الأم وعالجناها، فيشفى المريض بإذن الله، وفي حالة وفاة الأم أو غيابها فله أسلوب خاص في العلاج، وغالبًا سنكتشف أن الأم كانت تعاني ولا زالت من آلام أو أورام في الثدي، أو تخلصت جراحيًا من بعض الأورام، أو حدوث تغير في حجم الثدي وامتلاءه، عمومًا فالثدي هو قاعدة الانطلاق بالنسبة للرضع.

إصابة الرضع بالمس:
إن تسلط الشيطان على الذرية أمر قطعي جزم به كتاب الله عز وجل، قال تعالى: (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء: 62)، فليس أدل على ذلك من مشاركته لنا في الأموال والأولاد كما في قوله تعالى: (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ) [الإسراء: 64].

وقد ثبت في الكتاب والسنة تعويذ الأطفال من الشيطان الرجيم، مما يؤكد إمكان إصابة الأطفال بالمس، وقد عوذت امرأة عمران ابنتها مريم عليهما السلام وذريتها من الشيطان قال تعالى: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [آل عمران: 36].

ولتعويذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين، ولإبراهيم لإسماعيل وإسحاق من كل شيطان وهامة فيه دلالة قوية على إمكان تعرض الشيطان للأطفال والصغار بالأذى حتى الأنبياء والصالحين منهم، فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة). ( )

لكن حسب منتهى علمي لم يرد أمامي نص يثبت إصابة الرضع ومن لم يفطموا بعد بتسلط الشيطان عليهم بالمس والصرع، هذا عدا نص واحد بشأن نخس الشيطان للوليد حين ولادته، وعليه يقاس إمكان إصابة الرضع بالمس.

فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها)، ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتِهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)).( )

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم يطعن الشيطان فى جنبيه بإصبعه حين يولد، غير عيسى ابن مريم، ذهب يطعن فطعن فى الحجاب).( )

إصابة المفطومين بالمس:
ولكن من الثابت بعدة نصوص أن النبي صلى الله عليه وسلم عالج عدة أطفال من المس، يبدون من طريقة علاج النبي صلى الله عليه وسلم لهم أنهم فطموا، واستغنوا بطعامهم عن لبن الرضاعة، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على مدى صعوبة اكتشاف إصابة الرضع بالمس، وأن علامات المس لديهم قد لا تتضح إلا بعد الفطام، والسبب في هذا أن الرضيع لا تبدو عليه طفرات هائلة في النمو كما حال من فطم، فتأخر الكلام وتأخر المشي ودم ظهور علامات الذكاء والتنبه، كل هذا وغيره يساعد غير المتخصص على إدراك وجود المس والتسلط الشيطاني على الرضع بشكل واضح، وحتى بالنسبة للمتخصص من المعالجين سنجد حتى لو استطاع المعالج اكتشاف بعض الأعراض الخاصة، إلا أنه من الصعب التعامل مع الرضع بسبب ضعف بنيتهم، وعجزهم عن التعبير عن أحاسيسهم ومشاعرهم نتيجة ما يصيبهم من أذى وتسلط شيطاني، لذلك فالمعالج مضطر مرغما للتوقف عن علاج الرضع، خاصة لو تلاعب الجن بالرضيع لصرعه، وقد يفضي هذا إلى قتل الرضيع أو خنقه، وهذه مسؤولية معلقة في عنق المعالج.

عن ابن عباس أن امرأة جاءت بابن لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابني هذا به جنون، وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا، فثع ثعة قال عفان: فسألت أعرابيا فقال: بعضه على أثر بعض، وخرج من جوفه مثل الجرو الأسود وشفي.( )

عن أم أبان بنت الوازع عن أبيها أن جدها انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن له مجنون أو ابن أخت له، فقال: يا رسول الله إن معي ابنًا لي أو ابن أخت لي مجنون أتيتك به لتدعوا الله تعالى له قال: (إيتني به) قال فانطلت به إليه وهو في الركاب، فاطلقت عنه وألقيت عليه ثياب السفر وألبسته ثوبين حسنين، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (ادنه مني واجعل ظهره مما يليني) قال فأخذ بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه، ويقول: (أخرج عدو الله)، فأقبل ينظر نظر الصحيح، ليس بنظر الأول، ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه، فدعا له بماء فمسح به وجهه ودا له، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه.()

عن يعلى بن مرة الثقفي قال: ثلاثة أشياء رأيتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما نحن نسير معه إذ مررنا ببعير يسنى عليه فلما رآه البعير جرجر ووضع جرانه فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أين صاحب هذا البعير؟)، فجاء فقال: (بعنيه)، فقال: لا بل أهبه لك، فقال: (لا بعنيه) قال: لا بل أهبه لك وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، قال: (أما إذ ذكرت هذا من أمره، فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف فأحسنوا إليه)، قال: ثم سرنا فنزلنا منزلا فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها فلما استيقظ ذكرت له فقال: هي شجرة استأذنت ربها عز وجل أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها، قال: ثم سرنا، فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره فقال: (اخرج إني محمد رسول الله)، قال: ثم سرنا، فلما رجعنا من سفرنا مررنا بذلك الماء، فأتته المرأة بجزور ولبن، فأمرها أن ترد الجزور، وأمر أصحابه فشرب من اللبن، فسألها عن الصبي فقالت: والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريبا بعدك).( )

وفي رواية أخرى عن يعلى بن مرة قال: لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلى، ولا يراها أحد بعدى، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبى لها فقالت: يا رسول الله هذا صبى أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء يؤخذ في اليوم ما أدرى كم مرة قال: (ناولينيه) فرفعته إليه فجعلته بينه وبين واسطة الرحل، ثم فغر فاه فنفث فيه ثلاثا وقال: (بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله) ثم ناولها إياه فقال: (القينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل) قال: فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث فقال: (ما فعل صبيك؟) فقالت: والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة فاجترر هذه الغنم قال: (انزل فخذ منها واحدة ورد البقية).( )

فعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فى بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: (استرقوا لها فإن بها النظرة).( ) قال الفراء قوله: (سفعة) أي: نظرة من الجن. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما، وترك ما سوى ذلك،( )

عن أبي سعيد الخدري أنه كان يصلي فإذا بابن لمروان يمر بين يديه فدرأه فلم يرجع فضربه فخرج الغلام يبكي حتى أتى مروان فأخبره فقال مروان لأبي سعيد: لم ضربت ابن أخيك؟ قال: ما ضربته، إنما ضربت الشيطان، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا كان أحدكم في صلاة فأراد إنسان يمر بين يديه فيدرؤه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان).( )

عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (احبسوا صبيانكم حتى تذهب فورة العشاء فإنها ساعة تخترق فيها الشياطين). ( )

الأم مصدر متاعب الرضيع:
تحدثنا فيما سبق وبينا أن ثدي الأم ولبن الرضاعة هما مصدر دخول الشيطان إلى الرضيع، الشيطان لا يهتم بالرضيع بقدر ما يهتم بالأسباب التي تمكن له من مضغة هذا الرضيع، هذا من أجل أهداف مستقبلية أكثر من أن تحصر، تظهر علاماتها ربما في أثر الفطام أو في أثر البلوغ، وغالبا في أثر الفطام، حيث تترك الحرية كاملة للأطفال ليتناولوا ما يقع أمامهم من طعام وغذاء بدون تسمية، فنتركهم صرعى لتلبس الشياطين وتلعبهم.

عن أبي حذيفة عن حذيفة قال: كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها) أخرجه: مسلم (3761).

وفي بعض الحالات قد تكون الأم مصابة بالحسد أو العين سواء من الإنس أو الجن، حيث تغمر الأم سعادة بإرضاع وليدها، وتستمتع بهذا متعة ظاهرة لا تستطيع إخفائها عن أعين الإنس أو الجن، أو ترضع وليدها بدون أن تسمي الله قبل أن تلقمه ثديها ليرضع، وقد تترك ثديها مكشوفا أثناء الرضاعة من باب الإهمال والتكاسل، وفي مثل هذه اللحظات تكون أعين الجن مسلطة عليها إن لم تكن أعين الإنس أيضا، فمن الجن نساء عقيم فيحسدنها على وليدها، فينقطع اللبن من ثديها، أو يحتبس اللبن في ثديها، فيكون الثدي منتفخا باللبن ولكن لا يدر إذا ما التقمه الرضيع بفمه، أو يعرض الطفل عن التقام الثدي بشكل ملحوظ وغير معتاد.

هذا إن تبين سلامتها من الإصابة بمرض عضوي مع ظهور بعض أعراض المس عليها، فإذا كانت المرأة مصابة بالمس فسنجد على سبيل المثال أن حديثة العهد بالزواج إذا كانت في أول حمل لها تقف أمام المرآة لتستعرض بطنها الممتلئة بدون الذكر المأثور عند النظر إلى المرآة، في حين أن هناك جنية عقيم تراها في الخفاء فتحسدها على ما في بطنها فتتلبس بها، لتتسلط عليها بالمس والأذى وربما تجهض الجنين، لذلك ممنوع منعًا باتًا علاج الحوامل لألاَّ يعتدي الشيطان على الجنين ويجهضه أثناء الجلسة، ولا يقوم بهذا إلا معالج محنك، ذو خبرة ومراس واسع بالتعامل مع الحوامل، فللحوامل معاملة خاصة في العلاج، والعلاج في هذه الفترة إذا كان على يد متمكن من علمه يعطي ضمانات كبيرة لسلامة المولود من تسلط الشيطان، حيث تعد فترة العلاج فترة عبادة وتلاوة للقرآن وذكر ودعاء إل ىالله تعالى، وهذا يمنع الجنين فترة من البركة والسلام حتى يتم ولادته.

وتقسم فترة علاج الحوامل على ثلاث مراحل:

الأشهر الثلاث الأول من الحمل:
وهي أخطر فترات الحمل على الجنين حيث لم يثبت بعد في رحم أمه، وتختلط عليها أعراض الحمل مع أعراض المس والسحر، لذلك فهي بحاجة إلى معالج ذو دراية واعية بأعراض الحمل، والقدرة على التفريق بينها وبين أعراض المس والسحر، وهذا يكتسب بالخبرة والاطلاع الدؤوب.

الأشهر الثلاث التالية من الحمل:
وهي أفضل المراحل الثلاث في العلاج، هذا لثبات الجنين وهذا عنصر أمان مطلوب، ولخفة بطن الحامل نوعا، هذا في مقابل ثقل بطنها في المرحلة الثالثة والأخيرة من الحمل، ورغم ذلك تكثر حالات الإجهاض في الشهر الرابع بسبب السحر على وجه الخصوص،

الأشهر الثلاث الأخيرة من الحمل:
وهي قد تكون أكثر أمنا من سابقتها لتأكد ثبات الحمل، ولكنها قد تكون اشد صعوبة على الحامل بسبب امتلاء بطنها وصعوبة حركتها، خاصة على من يصبها الحمل من قبل.

علامات المس للرضع:
ومن الممكن أن يصاب الرضع بالمس، فتظهر عليهم علامات مثل الأرق والبكاء المفاجئ والتشنج والعصبية، وعض الرضيع لحلمة الثدي بغل عند الرضاعة، ومع النضج قد تظهر عند بعض الأطفال علامات التخلف العقلي، وهنا لا يكفي عرضه على طبيب متخصص فقط، بل يجب أيضًا عرض الطفل على معالج خبير.

وغالبًا ما تكون الأم هي المصابة بالمس وينتقل الجن منها إلى الطفل، وهذا ما أثبتته الخبرة، فالأم مخزن ينتقل الجن منها إلى أولادها ولا يحدث العكس، والزوج مخزن ينتقل الجن منه إلى زوجته ولا يحدث العكس إلا في حالات خاصة، فمن خلال الأم يندفع الجن ليتلبس بأولادها، لذلك عند ظهور بعض الأعراض على الطفل يقرأ أولاً على أمه، فإن ثبت إصابتها بالمس فعلاج الطفل عندها، لأن الطفل يعد جسده جسدًا طاهرًا، فلم يرتكب وزرًا بعد يتيح دخول الجن إلى جسده مباشرة، وأحيانًا يكون الطفل مصابًا بالسحر، وإلا فهو مصاب بمس من شيطان شديد القوة، وهذه من الحالات النادرة جدًا يصعب اكتشافها بسهولة لعجمة لسان الأطفال (وعندما يكبر قد يصاب بالتخلف العقلي أو الربط وغير ذلك كثير)، وعلاج هذه الحالات سهل جداً إن شاء الله تعالى، ولكنه بحاجة من المعالج والأم إلى شدة فى الإخلاص والتقوى والعبادة والدعاء لله عز وجل.

حيث لا مدخل لهم إليهم إذا حصنوا بالأذكار، وهؤلاء الأصناف يعد اقتحام أجسادهم مخاطرة مكلفة جدًا بفضل الله تعالى، فيعد الشياطين طهارة أجسادهم بذكر الله تعالى نجاسة ولذلك لا يقربوهم مطلقًا قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) [الحجر: 42]، قال تعالى: (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 100].

فإن لإهمال الوالدين دور كبير في تعرض الشيطان لأولادهم بالمس والضرر إذا أتى الرجل أهله ولم يسمي الله ولم يدعو بالدعاء المأثور، وعدم تحصين الأطفال وتعويذهم من الشيطان وكفهم عند دخول الليل كل هذا من أسباب تعرض الأطفال للمس، أنظر كيف أن امرأة عمران عوذت مريم وابنها من الشيطان الرجيم قبل أن يولدا، فلم يمسها الشيطان ووليدها من دون البشر جميعًا (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [آل عمران: 36].

فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها)، ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتِهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)).( )

بكل تأكيد الرضيع لا يستطيع يشكو آلامه، ولا يتقن التعبير عن معاناته، إلا من مجرد بعض ردود الفعل كالبكاء والصراخ، ولكن هناك بعض الأعراض المثيرة للشك، فمن ذلك ستلاحظ الأم أن الطفل يعض حلمة الثدي، فيتعامل معها بعنف غير مسبوق منه، أو عزوفه عن التقام كلا الثديين أو أحدهما، وربما تكرر هذا من جميع أولادها أو بعضهم، وستكتشف الأم وجود آلام داخل الغدد اللبنية خصوصًا، وبالتحديد داخل نطاق هالة الحلمة، حيث يقبع الشيطان هناك لينفث سحره وعزائمه الكفرية في اللبن، وقد يلاحظ تشوه في شكل إحدى حلمتي الثدي خلال مرحلة العذرية، أو إذا صارت ثيبا، وتضخم حجم الثديين بصورة مفرطة، ومن الصعب تحديد هذا في فترة الرضاعة، بسب امتلاء الثديين باللبن.

وقد تجد أن حركات الطفل عنيفة وعصبية بصورة ملفتة للانتباه، مع البكاء الحاد والصراخ المزعج، وسخونة أنفاسه، أو وجود رعشة في جسده، أو في أحد أطرافه العلوية أو السفلية، وستلاحظ أمرًا طريفًا أثناء المعاشرة الزوجية، وفي أهم لحظة حاسمة في هذا اللقاء ستجد أن الطفل يصرخ فجأة، فإذا توقفا عن مواصلة اللقاء سكت، وإذا عادا للمعاشرة عاد إلى صراخه، وكأنه يرى ويدرك ما يفعله أبويه، والحقيقة أنه مصاب بالمس.

فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان)، ( ) فالرجل تؤثر أي تداخلات صوتية على تواصله الجنسي، فيصاب بالارتخاء فجأة لأدنى مقاطعة صوتية، فكلما أتى الرجل زوجته نخس الشيطان الرضيع فيقطع صراخه على أبويه شهوتهما.

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه) ثم قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) وعن الزهري: (يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مسة الشيطان إياه)، وفي حديث شعيب (من مس الشيطان)،( ) فهذه العلامات وغيرها يجب أن تستلفت انتباه الأم فلا تهملها.

تنبه إلى أن الشياطين على حد تعبيرهم يعدون جسد الطفل (جسدًا نجسا)، لأنهم لم يتحملوا بعد شيئًا من الأوزار، ولم يتلوثوا بعد بالذنوب، وهذا لأن المعايير الفطرية مقلوبة عند الشياطين، وكذلك أجساد الصالحين وعلى رأسهم العلماء وحفظة القرآن والمعالجين الربانيين، فيعد الشياطين طهارة أجسادهم بذكر الله تعالى نجاسة، حيث لا مدخل لهم إليهم لحصانتهم ومنعة أجسادهم، قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) [الحجر: 42]، قال تعالى: (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 100]، وهذه الفئات يعد اقتحام أجسادهم مخاطرة مكلفة جدًا، لذلك يستعين الشياطين عليهم بصغارهم وأطفالهم، فيسربونهم إلى أجسادهم، فيستغلون حداثة سن صغارهم، وكونهم لا يقدرون مدى خطورة اقتحام أجساد الصالحين علىوجه الخصوص، فإذا تم رقيتهم هلكوا سراعًا، ثم يتم إمداد الجسد بصغار جدد لدى أدنى غفلة من هذه الفئات الصالحة، لذلك فمن المتعذر اكتشاف ردود فعل الجن عليهم، فيظن أحدهم أن جسده سليم معافى، لكن ستجد أن ظروف حياته وحالته النفسية والصحية، ووضعه الاجتماعي مضطرب ويفتقد إلى الاستقرار، وربما امتد الأذى إلى ذرياتهم، فتجد أحوالهم تثير الشك في وجود مس بشكل أو آخر، وفي الواقع هذا الشك في محله تمامًا، وعلاجهم متعسر وبحاجة إلى همة عالية منهم.

علاج الطفل الممسوس:
فغالبًا الأم هي التي تكون مصابة بالمس وينتقل الجن منها إلى الطفل، وهذا ما أثبتته الخبرة، فالأم مخزن ينتقل الجن منها إلى أولادها ولا يحدث العكس، وهذا اصطلحت عليه (التسلسل الذري) وهو تسلط الشيطان على الذرية، فمن خلال الأم يندفع الجن ليتلبس بأولادها، لذلك عند ظهور بعض الأعراض على الطفل ترقى أمه أولاً، فإن ثبت إصابتها بالمس فعلاج الطفل عندها، وإلا فالطفل مصابًا بالسحر، لأن الطفل يعد جسده جسدًا طاهرًا، فلم يرتكب وزرًا بعد يتيح دخول الجن إلى جسده مباشرة، ومن النادر أن يكون مصاب بمس من شيطان شديد القوة، وهذه من الحالات النادرة جدًا يصعب اكتشافها بسهولة لعجمة لسان الأطفال، (وعندما يكبر قد يصاب بالتخلف العقلي أو الربط وغير ذلك كثير)، وعلاج هذه الحالات سهل جداً إن شاء الله تعالى، ولكنه بحاجة من المعالج والأم إلى شدة فى الإخلاص والتقوى والعبادة والدعاء لله عز وجل.

فقاعدة عامة بين كل المعالجين لم أعلم أن أحدهم شذ فيها أو أنكرها، أن علاج الأطفال ما لم يبلغوا الحلم بعلاج أمهاتهم، فعلاج الأم هو مفتاح علاج الأولاد، وإن صح ان النبي صلى الله عليه وسلم عالج الطفل فلم يعالج الأم، فهذه نرجعه أنه من خصائص النبوة، ومعجزة قاصرة عليه، لا تسري على غيره من البشر، وربما أن الشياطين طورت من استراتيجيتها وأساليبها بعد هذا، لكن الذي حكمنا هنا هو التجربة لا الدليل.

تحصين الأطفال والرضع:
للشيطان سبل وحيل خفية نجهلها بني البشر، لذلك يجب الاحتراز من كيده، وإن كان سمة كيده الضعف، قال تعالى: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء: 76]، إلا أن كيد الشيطان لا يكون ضعيفًا إلا مع ذكر الله تعالى، لذلك فمن يعرض عن ذكر الله علمًا وعملاً قيض الله شيطانًا يقترن به ويلازمه، قال تعالى: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف: 36]، يعتقد بعض الناس أن الأطفال محصنون من الله تعالى ضد الشياطين ما لم يبلغوا الحلم، فلا يصيبهم مس شيطاني، وعلى هذا يهملون تحصينهم ضد الشيطان، وهذا اعتقاد خاطئ يتعارض والأدلة الشرعية.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه، إلا مريم وابنها)، ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم (وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتِهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))،( ) وهذا شاهد من القرآن على تعويذ الأطفال والرضع، فقد عوذت امرأة عمران مريم وذريتها من الشيطان الرجيم، أي أن الشيطان يتعرض لهم بالكيد والأذى.

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما رفعه قال: (خمروا الآنية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الأبواب، واكفتوا صبيانكم عند العشاء، فإن للجن انتشارًا وخطفة، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد، فإن الفويسقة ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت) قال ابن جريج وحبيب عن عطاء: (فإن للشياطين)،( )

واكفتوا صبيانكم أي ضموهم إليكم، وأدخلوهم بيوتكم، ومن أذى الجن للأطفال النظرة والحسد، فعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى فى بيتها جارية (أي طفلة صغيرة) في وجهها سفعة، فقال: (استرقوا لها فإن بها النظرة).( ) قال الفراء قوله: (سفعة) أي: نظرة من الجن، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين من كل شيطان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)،( ) فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم عليه السلام كان يحصن إسماعيل وإسحاق عليهم السلام، فرغم أنهما طفلان من الأنبياء، إلا أن هذا لا يمنع غائلة الشيطان وكيده، فقد تسلط الشيطان على جسد أيوب عليه السلام وهو نبي، وحذر يعقوب ابنه يوسف عليهما السلام من كيد الشيطان، وكان لا يزال صبيًا حدثًا، قال تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [يوسف: 5]، ومع هذا نزغ الشيطان بين الصبي يوسف عليه السلام وإخوته، قال تعالى: (وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) [يوسف: 100].

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *